القوة والهيمنة الأمريكية عبر التاريخ
هذا المثال التاريخي يُستشهد به لتوضيح كيف تتصرف الدول القوية عندما تواجه دولًا أضعف، حيث لا تكون هناك مساحة للعدالة أو الاعتبارات الأخلاقية، بل فقط لمنطق القوة.
القوة هي العامل الحاسم في العلاقات الدولية، كما تمثلت في الحروب القديمة مثل الحرب البيلوبونيزية بين أثينا وسبارتا، حيث تم سحق جزيرة ميلوس رغم حيادها، لأن أثينا كانت تمتلك القوة.
سياسات ترامب ضد الحلفاء
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسته الثانية بسياسات عدائية ضد الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، خصوصًا كندا والمكسيك، عبر فرض تعريفات جمركية قاسية دون أسباب منطقية.برر ترامب هذه السياسات بحجج مثل الحد من تدفق المهاجرين ومحاربة المخدرات، ولكن الواقع يشير إلى أن هذه الإجراءات كانت استعراضًا للهيمنة والقوة أكثر منها إجراءات ذات أهداف اقتصادية حقيقية.
ردود فعل كندا والمكسيك
الكنديون شعروا بالإهانة من سياسات ترامب، مما دفعهم لإطلاق حملات واسعة لمقاطعة المنتجات الأمريكية، وكذلك وقف الاشتراكات في خدمات أمريكية مثل “نتفليكس”.
في المكسيك، ردت الحكومة بفرض تعريفات جمركية مضادة، واتخذت خطوات دبلوماسية لمواجهة السياسة الأمريكية الجديدة.في كلا البلدين، أصبح هناك توجه كبير نحو تقليل الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة، والبحث عن أسواق بديلة.
سياسة ترامب غير محسوبة العواقب
ترامب لم يكن لديه خطة اقتصادية واضحة، بل كان يتصرف من منطلق فرض القوة والسيطرة.
تصريحاته العشوائية للصحفيين أظهرت أنه لم يضع في اعتباره العواقب المحتملة لتصرفاته، وكان الهدف الأساسي هو إثبات أنه يستطيع اتخاذ قرارات قوية دون منازع.
التأثير العالمي والاستفادة الصينية المحتملة
سياسات ترامب أدت إلى نتائج عكسية، إذ أنها دفعت العديد من الدول إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، وفتح أسواق جديدة مع دول أخرى.
الصين، على وجه الخصوص، قد تستفيد من هذه السياسات، حيث يمكنها جذب الحلفاء التجاريين الذين تضرروا من نهج ترامب العدواني، مما قد يؤدي إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالميًا.
يمكن للصين أن تستفيد من سياسات ترامب العدوانية تجاه حلفاء الولايات المتحدة بعدة طرق رئيسية:
1️⃣ تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المتضررة
- نظرًا لأن كندا والمكسيك، إلى جانب دول أخرى، بدأت في البحث عن بدائل تجارية بعيدًا عن الولايات المتحدة، يمكن للصين أن تقدم نفسها كشريك اقتصادي أكثر استقرارًا.
- الصين تمتلك اقتصادًا عملاقًا وسوقًا ضخمة، مما يجعلها قادرة على تعويض أي خسائر اقتصادية قد تتكبدها الدول التي تحاول تقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.
2️⃣ توقيع اتفاقيات تجارية جديدة
- الصين تسعى منذ سنوات إلى توسيع مبادرتها الطموحة “الحزام والطريق”، والتي تهدف إلى ربط آسيا بأوروبا وأفريقيا من خلال مشروعات بنية تحتية واتفاقيات تجارية.
- يمكن للصين استخدام تراجع الهيمنة الأمريكية كفرصة لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول مثل المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، مما يقلل من تأثير العقوبات والسياسات الاقتصادية الأمريكية.
3️⃣ جذب الاستثمارات والشركات الأجنبية
- مع ازدياد عدم الاستقرار في سياسات ترامب، قد تختار الشركات متعددة الجنسيات التوجه نحو الصين لإنشاء مصانعها وتوسيع أعمالها، خاصة أن الصين تقدم تسهيلات تجارية ضخمة.
- في حال فرضت أمريكا تعريفات جمركية على الدول الأخرى، قد تتجه تلك الدول إلى تصنيع منتجاتها في الصين لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية.
4️⃣ تعزيز مكانتها كقوة مالية بديلة
- الصين تسعى لتقليل الاعتماد العالمي على الدولار الأمريكي عبر تعزيز استخدام عملتها “اليوان” في التجارة الدولية.
- مع تراجع الثقة في استقرار السياسات الاقتصادية الأمريكية، يمكن أن تزيد الدول الأخرى من اعتمادها على اليوان أو حتى على المبادلات التجارية الثنائية بعيدًا عن الدولار، مما يمنح الصين نفوذًا ماليًا أكبر.
5️⃣ الاستفادة من التوترات داخل الولايات المتحدة
- سياسات ترامب التصادمية لم تقتصر على الخارج فقط، بل أثرت أيضًا على الداخل الأمريكي، حيث زادت الانقسامات السياسية والتوترات الاجتماعية.
- الصين يمكنها استغلال هذه التحديات للترويج لنموذجها كبديل للاستقرار السياسي والاقتصادي، مما قد يجعل بعض الدول تميل إلى تبني نهج أكثر توافقًا مع الصين.
ضربة للصناعة الأمريكية
من المفارقات أن هذه السياسات لا تضر فقط بالدول الأخرى، بل تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي نفسه، حيث تعتمد العديد من الصناعات الأمريكية على المواد الخام والمنتجات القادمة من كندا والمكسيك.
فرض تعريفات جمركية على هذه الدول يرفع تكلفة الإنتاج على الشركات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة التنافسية للصناعة الأمريكية على المستوى الدولي.
استنتاجات رقمية موسعة
80% من صادرات المكسيك تتجه إلى الولايات المتحدة، مما يجعلها تعتمد بشكل شبه كامل على السوق الأمريكية.
77% من صادرات كندا تعتمد على السوق الأمريكية، مما يعرضها لضغوط كبيرة عند حدوث أي تغيرات في السياسات الاقتصادية الأمريكية.
700,000 عضو انضموا إلى مجموعة فيسبوك لدعم المنتجات الكندية ومقاطعة الأمريكية بعد فرض التعريفات الجمركية.
155 مليار دولار كندي هو حجم السلع الأمريكية التي فرضت عليها كندا تعريفات مضادة ردًا على قرارات ترامب.
30 يومًا كانت الفترة الزمنية التي عُلّقت فيها التعريفات بين الولايات المتحدة وكندا بعد مكالمة هاتفية بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
التأثير بعيد المدى
يمكن أن يؤدي إلى تشكيل تحالفات اقتصادية جديدة قد تضعف الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.
دفع الدول إلى تنويع تحالفاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.
خلق فرص اقتصادية للصين وغيرها من الدول الناشئة للاستفادة من الفراغ الذي قد يتركه النفوذ الأمريكي المتراجع.