التضخم: أكبر مصدر قلق عالمي
وفقًا لتقرير “ماذا يقلق العالم” الصادر عن شركة إبسوس، فإن التضخم يمثل أكبر هاجس يشغل المواطنين في مختلف دول العالم.الدراسة استطلعت آراء أكثر من 23,000 شخص من 29 دولة تتراوح أعمارهم بين 16 و74 عامًا، حيث أكد معظمهم أن ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة هو أكبر مخاوفهم.المخاوف بشأن التضخم ليست محصورة في بلد معين بل منتشرة على مستوى العالم، مما يعكس تأثير الأزمات الاقتصادية المتكررة.
كيف يفقد التضخم القيمة النقدية؟
التضخم المرتفع يقلل من القوة الشرائية للعملة، حيث ترتفع الأسعار بوتيرة أسرع من نمو الأجور والدخول.هذا يؤدي إلى تآكل قيمة الرواتب، مما يجعل العديد من الناس غير قادرين على مواجهة تكاليف المعيشة اليومية.التضخم يكون أكثر تأثيرًا على الأسر ذات الدخل الثابت والتي تعتمد على الرواتب الشهرية.
ارتفاع تكاليف المعيشة وتأثيره على الأفراد
يتساءل الناس حاليًا عمّا إذا كانت الأسعار ستنخفض في 2025 أو ستظل في ارتفاع مستمر.أحد أكبر التحديات هو أن التضخم لا يؤثر فقط على السلع الاستهلاكية الأساسية، بل يمتد ليشمل الإسكان، الخدمات، والطاقة.التوقعات الاقتصادية لعام 2025 تعتمد بشكل أساسي على سياسات البنوك المركزية واستجابة الأسواق المالية.
قصة ارتفاع سعر المكرونة في إيطاليا
في يونيو 2023، دعا نشطاء في إيطاليا إلى مقاطعة المكرونة احتجاجًا على ارتفاع أسعارها.
الهدف كان الضغط على الشركات المنتجة للمكرونة لخفض الأسعار، حيث اعتقد بعض المستهلكين أن ارتفاع الأسعار ناتج عن جشع التجار.
في النهاية، لم ينجح الإضراب، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان جشع الشركات هو السبب الحقيقي وراء ارتفاع الأسعار.
هل جشع الشركات هو السبب الحقيقي للتضخم؟
تنتشر نظرية بين المستهلكين مفادها أن الشركات الكبرى ترفع الأسعار عمدًا لتحقيق أرباح ضخمة. بعض صناع القرار تبنّوا هذه النظرية في تصريحاتهم، متهمين الشركات بالجشع.رغم ذلك، يرفض العديد من الاقتصاديين هذه الفرضية، مؤكدين أن التضخم هو ظاهرة معقدة تتأثر بعوامل عدة، وليس فقط جشع الشركات.
الفرق بين التضخم والزيادة النسبية في الأسعار
التضخم الحقيقي يعني ارتفاعًا مستدامًا في الأسعار عبر الاقتصاد كله، وليس مجرد زيادة في سعر منتج معين.مثال: إذا ارتفع سعر الطماطم بسبب نقص المحصول، فهذا ليس تضخمًا بل تغير نسبي في الأسعار، لأن أسعار المنتجات الأخرى لم تتغير بنفس الوتيرة.الاقتصاديون يعتبرون التضخم ظاهرة “ماكرو اقتصادية”، أي تؤثر على الاقتصاد بشكل عام وليس على منتج واحد فقط.
لماذا جشع الشركات وحده لا يسبب التضخم؟
الشركات مهما كانت جشعة، لا يمكنها رفع الأسعار إلى مستويات عالية دون وجود مبررات اقتصادية مثل زيادة التكاليف.الأسواق التنافسية تمنع الشركات من تسعير منتجاتها بمبالغة، حيث إن ارتفاع الأسعار بشكل كبير قد يدفع المستهلكين للبحث عن بدائل.إذا لم يكن هناك احتكار أو تواطؤ بين الشركات، فإن الأسعار تخضع لمعادلة العرض والطلب، وليس فقط لطمع الشركات.
كيف تتحكم المنافسة في الأسعار؟
حتى الشركات الكبرى مثل “آبل” لا تستطيع رفع أسعار هواتفها بشكل مفرط دون التأثر بالمنافسين مثل “سامسونج”. الشركات تحتاج إلى موازنة تسعيرها بحيث لا تفقد حصتها السوقية لصالح المنافسين.حتى في حالة الاحتكار، لا يمكن رفع الأسعار بشكل غير مبرر، لأن المستهلكين قد ينتقلون إلى بدائل أخرى مثل استبدال المكرونة بالأرز.
السياسات الحكومية وتأثيرها على التضخم
- يعتقد البعض أن الحل لتخفيض الأسعار هو تدخل الحكومات بفرض قيود على التسعير، لكن التجارب السابقة أثبتت فشل هذه السياسات.
- عندما تتدخل الحكومات في تسعير المنتجات، غالبًا ما يؤدي ذلك إلى نقص السلع في السوق بدلاً من خفض أسعارها.
- الحلول الفعالة لمكافحة التضخم تشمل تحسين الإنتاجية، تحفيز الاستثمارات، وزيادة المعروض النقدي بشكل متوازن.
مفاهيم خاطئة حول التضخم وتأثيرها على السياسات الاقتصادية
- العديد من الحكومات تتبنى سياسات اقتصادية بناءً على اعتقادات غير دقيقة حول أسباب التضخم.
- إلقاء اللوم على الشركات فقط دون فهم الأسباب الحقيقية للتضخم قد يؤدي إلى سياسات غير فعالة تزيد الوضع سوءًا.
- فهم طبيعة التضخم وآلياته يساعد في إيجاد حلول مستدامة بدلاً من الحلول المؤقتة التي قد تضر بالاقتصاد على المدى الطويل.