مقدمة
يُعتبر التنجيم من أقدم الممارسات التي ارتبطت بالحضارات القديمة، حيث اعتقدت العديد من الثقافات أن حركة الأجرام السماوية تؤثر على حياة البشر. تناول المقال مناقشة جذور التنجيم، وتأثيره عبر الحضارات المختلفة، وكيفية تحوله إلى علم شعبي مستمر حتى اليوم.
التنجيم وأصوله التاريخية
1. الكلدانيون في بابل
يُعتبر الكلدانيون أول من قام برصد الأبراج في بابل، حيث كانوا يعتقدون أن لكل إله كوكبًا أو نجمًا خاصًا به، مما جعله يتحكم في الأبراج ومواليدها. هذه الفكرة انتشرت بين الناس وأصبحت أساسًا لفكرة ارتباط الإنسان ببرجه.
2. التنجيم عند اليهود
خلال السبي البابلي، اطلع اليهود على علوم التنجيم، لكنهم أجروا تعديلات على المعتقدات البابلية، فبدلًا من اعتبار الكواكب مساكن للآلهة، أطلقوا عليها صفة مساكن الملائكة.
3. دور الإغريق في نشر التنجيم
مع وصول الإغريق إلى بلاد الرافدين، تحول التنجيم من كونه فنًا نخبويًا يقتصر على الملوك والحكام إلى علم شعبي. بدأ الناس في استشارته في حياتهم اليومية لمعرفة مصيرهم، مما ساهم في انتشاره على نطاق واسع.
تأثير التنجيم على الثقافات المختلفة
تسمية أيام الأسبوع: اعتمد الإغريق والرومان على أسماء الكواكب في تسمية أيام الأسبوع، وهي التسمية التي ورثتها الحضارة الغربية لاحقًا.
تحويل التنجيم إلى ترفيه: في العصور الحديثة، أصبح التنجيم مجالًا للترفيه والتسلية بدلًا من كونه علمًا دقيقًا، حيث يستخدمه العديد من الناس لاستكشاف شخصياتهم وتوقعات مستقبلهم.
الحرب العالمية الثالثة والتنجيم
1. خطاب ألبرت بايك وماتزيني (1871)
ألبرت بايك، أحد كبار قادة الماسونية في القرن التاسع عشر، أرسل خطابًا إلى ماتزيني وضع فيه تصورًا للحروب العالمية الثلاث:
- الحرب العالمية الأولى: تهدف إلى إسقاط روسيا القيصرية وتهجير اليهود إلى فلسطين.
- الحرب العالمية الثانية: تهدف إلى تأسيس دولة لليهود.
- الحرب العالمية الثالثة: ستكون بين الدولة اليهودية وجيرانها، وتهدف إلى فرض سيطرة الماسونية على العالم.
2. الدور اليهودي والتنجيم
يرى البعض أن هناك ارتباطًا بين المعتقدات اليهودية والتنجيم، إذ يُعتقد أن التوراة تتضمن إشارات إلى ثلاث حروب رئيسية تقلب موازين القوى العالمية.
3. التأثيرات السياسية والاقتصادية
الشخصيات السياسية المؤثرة غالبًا ما تكون مرتبطة بهذه المنظمات، مما يعزز فرضية التأثير الماسوني في صنع الأحداث.
يُعتقد أن القوى الماسونية تعمل على إدارة الحروب وتوجيه السياسة العالمية من خلال تحكمها في الحكومات والاقتصادات الكبرى.
الفرق بين التنجيم وعلم الفلك في الإسلام
علم الفلك: الإسلام يشجع على دراسة الفلك وتتبع حركة الأجرام السماوية لمعرفة أوقات الصلاة، تحديد المواقيت، وتنظيم التقويم الهجري. قال الله تعالى في سورة يونس: “هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب”.
التنجيم: الإسلام يرفض فكرة أن النجوم والكواكب تتحكم في مصير الإنسان، حيث يؤكد القرآن الكريم أن الله وحده هو المتصرف في شؤون الخلق، قال تعالى: “وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم” (الزخرف: 84).
حكم التنجيم وقراءة الأبراج
نهى النبي محمد ﷺ عن إتيان العرافين وتصديقهم، حيث قال: “من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”.
التنجيم قائم على التكهن بالمستقبل، وهو أمر لا يعلمه إلا الله. قال تعالى: “قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله” (النمل: 65).
قراءة الأبراج والاستناد إليها في اتخاذ القرارات يعد من أشكال الشرك بالله، لأنه يناقض الإيمان بالقضاء والقدر.
مفاهيم خاطئة حول الأبراج
الاعتقاد بأن الأبراج تحدد شخصية الإنسان: في الحقيقة، لا يوجد دليل علمي على أن موقع الكواكب لحظة الولادة يؤثر على شخصية الإنسان.
رؤية الكسوف والخسوف كدلالات على أحداث بشرية: النبي ﷺ أوضح أن هذه ظواهر طبيعية لا علاقة لها بوفاة أو ميلاد أحد.
العدد الصحيح للأبراج: علم الفلك الحديث يبين أن عدد الأبراج ليس 12 كما هو معروف، بل يوجد برج جديد يسمى “برج الحواء”.