مقدمة
تُعد رواية “الرمز المفقود” للكاتب الأمريكي دان براون واحدة من أكثر الروايات المثيرة التي تتناول الماسونية والرموز الغامضة والجمعيات السرية. تستكمل هذه الرواية مغامرات البروفيسور روبرت لانجدون، الذي يجد نفسه في قلب لغز ماسوني مليء بالألغاز والتاريخ الغامض.
نبذة عن الرواية
تدور أحداث الرواية حول استدعاء لانجدون لإلقاء محاضرة في الكونجرس الأمريكي، لكنه يكتشف عند وصوله أن الدعوة كانت خدعة، وأن بيتر سولومون، أحد أبرز رموز المجتمع الأمريكي، قد تم اختطافه. تبين لاحقًا أن عملية الاختطاف كانت تهدف للحصول على سر محفوظ داخل هرم حجري صغير يحمل نقوشًا سرية.
الماسونية في الرواية
يتناول دان براون في الرواية مجموعة من الأفكار حول الماسونية، ويشير إلى أن هذه المنظمة تضم شخصيات نافذة في المجتمع الأمريكي، من ضمنهم أعضاء في الكونغرس. كما يوضح كيف أن الماسونية تستخدم الرموز السرية والطلاسم التي تعود إلى الحضارات القديمة.
أبرز الرموز الماسونية في الرواية
الشفرات الغامضة: تُستخدم الرموز والأرقام في الرواية كأدلة لحل الألغاز الماسونية.
الهرم الحجري: يرمز إلى الحكمة القديمة ويمثل مفتاح الوصول إلى المعرفة السرية.
يد الأسرار: وهي يد تحمل وشومًا ماسونية، وُجدت في الرواية في مبنى الكونغرس كدعوة لبدء رحلة الكشف عن الأسرار.
العلاقة بين الماسونية والجمعيات السرية
على الرغم من أن الرواية تعد من أكثر الكتب مبيعًا، إلا أنها تعرضت للعديد من الانتقادات، حيث أشار بعض النقاد إلى أن دان براون لم يكشف بالكامل عن حقيقة الماسونية كما وعد، بل قدم معلومات مشوشة واستخدم الإثارة والتشويق لجذب القراء دون التطرق إلى التفاصيل الدقيقة.
تأثير الرواية على فهم العامة للماسونية
ساهمت الرواية في نشر الاهتمام بالماسونية والبحث حول حقيقتها، حيث بدأ العديد من القراء في التساؤل عن مدى تأثير الماسونية في القرارات السياسية والاقتصادية العالمية. كما أنها سلطت الضوء على الرموز الماسونية التي نراها في المباني والمعالم الشهيرة مثل مبنى الكونغرس الأمريكي وعملة الدولار الأمريكي.
تصميم واشنطن وأصوله الماسونية
تم تخطيط مدينة واشنطن العاصمة عام 1791، ويقال إن المهندس الفرنسي بيير شارلز لانفانت، الذي كُلّف بتصميم المدينة، كان ماسونيًا. ووفقًا لنظريات المؤامرة، فإن الماسونيين تركوا بصماتهم السرية في تصميم شوارع وميادين العاصمة الأمريكية.
الرموز الماسونية في خريطة واشنطن
النجمة الخماسية: عند النظر إلى خريطة المدينة، يمكن رؤية تخطيط شوارعها بطريقة تشكل نجمة خماسية، التي تعتبر رمزًا مهمًا في الماسونية وترتبط بالسحر والطقوس الغامضة.
الفرجار ومربع ضبط الزوايا: يعتبر هذا الرمز من أكثر الرموز المعروفة في الماسونية، وهو يمثل الحكمة الهندسية والقيادة، ويُعتقد أن تصميم شوارع المدينة يتضمن هذا الشكل، حيث تمتد إحدى أذرعه إلى البيت الأبيض والأخرى إلى نصب جيفرسون التذكاري.
الشعارات الرسمية والرقم 13:
يحتوي الشعار الأمريكي على 13 سهمًا في مخالب النسر و13 ورقة زيتون و13 نجمة فوق رأسه.
كما يتكون الهرم غير المكتمل في الختم العظيم للولايات المتحدة من 13 طبقة، وهو رقم له دلالات في الماسونية.
وضع حجر الأساس لمبنى الكابيتول
أحد أبرز الأحداث التي تُستخدم للدلالة على الوجود الماسوني في تأسيس واشنطن هو حفل وضع حجر الأساس لمبنى الكونجرس الأمريكي، الذي قيل إنه تم في احتفال ماسوني، بإشراف جوزيف كلارك، الأستاذ الأعظم لمحفل ميريلاند الماسوني.
الجدل حول الماسونية وتأثيرها
رغم هذه الادعاءات، لا يوجد دليل علمي قاطع على أن الماسونيين تعمدوا ترك هذه الرموز في تصميم واشنطن، وقد يكون التشابه مجرد مصادفة. يرى المؤرخون أن هذه التصاميم ناتجة عن التخطيط الهندسي التقليدي وليس لها أبعاد ماسونية حقيقية.
الماسونية ورموزها في السياسة الأمريكية
تتردد في الروايات التاريخية ونظريات المؤامرة أن النخبة السياسية في الولايات المتحدة ترتبط بالماسونية، حيث يُقال إن الكثير من الساسة والرؤساء الأمريكيين كانوا أعضاء في المحافل الماسونية ووصلوا إلى درجاتها العليا.
1. الرموز المصرية في الماسونية
- تشتهر الماسونية باستخدام الهرم والمسلة، وهما رمزان مصريان قديمان.
- وفقًا للرواية، فإن هذه الرموز شائعة جدًا في الماسونية وتُستخدم لأغراض رمزية تتعلق بالأسرار القديمة والحكمة.
- يرى بعض المؤرخين أن الماسونيين لا يستخدمون هذه الرموز لكونها مصرية، بل لأنهم يرون فيها معرفة مفقودة سرقها المصريون من نبي الله إبراهيم، ثم استعادها موسى لاحقًا ونقلها إلى بني إسرائيل.
2. دور نخبة الولايات المتحدة في الماسونية
- بحسب دان براون، فإن كبار المسؤولين الأمريكيين، مثل وزير الدفاع، مستشار الأمن القومي، رئيس مجلس الشيوخ، ومدير الـ CIA، جميعهم ماسونيون من الدرجة الثالثة على الأقل.
- يظهر ذلك في الرواية من خلال مشهد يُظهر تصويرًا سريًا لهم أثناء طقوس الماسونية، مما يشير إلى وجود علاقات خفية تجمع هذه الشخصيات البارزة.
3. الرؤساء الأمريكيون والماسونية
- عدد من رؤساء الولايات المتحدة كانوا أعضاء في المحافل الماسونية، مثل:
- وودرو ويلسون (من الدرجة الثالثة)
- دوايت أيزنهاور (من الدرجة الثالثة)
- هاري ترومان (وصل إلى الدرجات العليا)
- رونالد ريغان
- جورج بوش الأب
- هذا الارتباط بين الرئاسة الأمريكية والماسونية يُعزز الادعاءات حول تأثير الماسونية على القرارات السياسية الكبرى في الولايات المتحدة.
نقاط الضعف في الرواية وتحليلها
رغم التشويق الذي يقدمه دان براون في “الرمز المفقود”، إلا أن هناك بعض المآخذ على الرواية:
- العقدة الدرامية غير المنطقية: تدور القصة حول اختطاف شخصية رئيسية من قبل ابنه الذي يُفترض أنه ميت، في محاولة للوصول إلى “الهرم الماسوني”. لكن القصة تتعارض مع التقاليد المزعومة التي تقول إن الهرم يُمنح للابن تلقائيًا.
- النهاية الضعيفة: تتناول الرواية العديد من الألغاز حول “سر الأسرار الماسوني”، لكن النهاية تكشف أن السر ببساطة هو الكتاب المقدس، وهو أمر غير منطقي بالنظر إلى أن هذا الكتاب متاح للجميع ولا يشكّل سرًا كبيرًا.
- التلاعب بالتاريخ: الرواية تشير إلى أن الملك جيمس الأول كان ماسونيًا، وهو ما يجادل فيه بعض المؤرخين، كما تدّعي أن فرانسيس بيكون كان مسؤولًا عن ترجمة الكتاب المقدس وإدخال رموز ماسونية فيه.